' Nuqy Nuqy: Muthola'ah

Wednesday, May 29, 2013

Muthola'ah

الرجولة في الإسلام
لعّل من أهمّ الفروق بين المسلمين في عهد الأول و بين المسلمين في هذا العهد خلق الرجولة. فقد امتلأ العصر الأول بمن كانوا عنوانا للرجولة و المجد و الشرف , و يظهر ذلك في النبي محمد: والله لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك
دونه, ما تركته.
كان الرسول أكثر االناس رجولة في جميع أدوار حياته. فحياته كلها سلسلة من مظاهر الرجولة و البطولة, إيمان لا تزعزه الشدائد. و صبر على المكاره , و عمل دائم في نصرة الحقّ, و تعلّق بمعالي الأمور و ترفع عن سفاسفها, حتى إذا مات لم يترك ثروة كما فعل ذوو السلطان, و لم يترك أعراضا زائلة كما يترك الملوك و الأمراء و إنما ترك مبادئ خالدة على الدهر. كما ترك رجالا يرعونها و ينشرونها و يجاهدون لأموالهم و أنفسهم من أجلها.
و تاريخ الصحابة ومن بعدهم مملوء لأمثلة الرجولة, فأقوى صفات عمر أنه كان رجلا, لا يراعي في الحقّ كبيرا و لا يخاف عظيما أو أميرا. يقول في احدى خطبة: أيّها الناس إنه والله ما فيكم أحد أقوى عندي من الضعيف, حتى أخذ الحقّ له, و لا أضعف عندي من القوي حتى أخد الحقّ منه, و كان يطلب من الأباء تربية أولادهم على الرجولة, و كان يقول: " علموا أولادكم العوم و الرماية, و مروهم فليثبوا على الخيل وثبا ,و رووهم ما يجمل من الشعر, و كان عمر أشدّ اختيارا لولاته و كان يمرّنهم على الرجولة فيقول لهم" اجعلوا الناس في الحقّ سواء, قريبهم كبعيدهم ,و بعيدهم كقريبهم. إيّاكم و الرشا و الحكم بالهوى, و أن تأخدوا الناس عند الغضب.
كان العصر الإسلامي الأول مظهرا للرجولة في جميع نواحيه. و عندما نقرأ تاريخ المسلمين في صدر حياتهم, نعجب كيف كان هؤلاء البدر. و هم لم يتخرّجوا من مدارس علمية, و لم يتلقوا نظريّات سياسية, حكما وقادة لخريجي العلم و السياسة.
هذه الرجولة التي بثها الإسلام في المسلمين هي التي ارتفعت بهم و جعلتهم يفتحون أرقى الأمم مدنية, و أعظمها حضارة و هم لا يفتحون فتحا حربيا يعتمد على القوة البدنية بل يفتحون فتحا مدنيا إداريا منظّما,يعلمون به دارس العدل كيف يكون العدل,و يعلمون علماء الإدارة كيف تكون الإدارة, و قوّة الإعتقاد في الحقّ فوق النظريات الفلسفية, و المذاهب العلمية , و إن الأمم لا تقاس بفلاسفتها, بمقدار ما تقاس برجولتها.
:
هل سمعت عدلا خيرا من أن يضرب ابن لعمرو بن العاص وهو و الي مصر – رجلا مصريا , فستدعيه عمر بن الخطاب و ابنه , ثم يأمرالمصري أن يضرب من ضربه, و أن يضع السوط على صلعة عمرو ثم يقول عمر لعمرو بن العاص," مذكم استعبذكم الناس و قد و لدلتهم أمهاتهم أحرارا ".
و قد ظهر في تاريخ المسلمين من حين لأخر رجال غيّروا مجرى الحوادث, و دفعوا عن قومهم الخطوب, و أنزلوهم منزل العزّ و المنعة, تضيق عن وصف أعمالهم الرسائل و الكتب.
ثم توالت الأحداث , تضعف من شوكتهم و من رجولهم, حتى رأيناهم بذلوا الشرف للمال, و قد كان أباءهم يبذلون المال للشرف , و لم ينظروا إلا إلى أنفسهم و ذوبهم. كان أباءهم  ينظرون  إلى دينهم و أمتهم, و تفرّعوا شيعا و أحزابا, يضيق بعضهم بأس بعض, فكانوا حربا على أنفسهم بعد أن كانوا جميعا حربا على عدوهم, و لا نسمع منهم إلا..قال أباؤنا...فعل أباؤنا...لقد رأينا خير ما في الأمم حاضرها و الخير ما فينا ما ضينا.
نريد بالرجولة صفة جامعة لكل صفات الشرف, من اعتداد بالنفس و احترام لها, و شعور عميق  بأداء الواجب مهما كلفه من مصاعب, و حماية لما في ذمّته من أسرة و أمة و دين, و بدل الجهد في ترقيتها و الدفاع عنها و الإعتزاز بها, و رفض الظلم لنفسه و لها.
يمكن تحقيق صفة الرجولة مهما اختلفت و ظيفة الإنسان في الحياة, و الوزير الرجل من اعتبر كرسيه تكليفا لا تشريعا. و رأه وسيلة للخدمة لا وسيلة للجاه. و يفكر في أمّته قبل أن يفكر في نفسه, يظلّ في كرسيه ما دام محافظا في حقوق أمته , فإذا شعر بأنه قصّر في واجبه ترك كرسيه.
و العالم الرجل من أدى رسالته لقومه من طريق علمه, لا يشكو من التعب الذي يصيبه في سبيل حقيقة يكتشفها أو نظرية يبتكرها, ثم هو أمين على الحقّ, لايفرح  بالجديد لجدّته, و لا يكره القديم لقدمه.
و الصانع الرجل أكثر تطويرا لصناعته, حتى يصل بها إلى أرقى ما وصلت إليه الصناعة في العالم, يشعر بأنه وطني في الصناعته كوطنية السياسي في سياسيته, و أن أمته تخدّم من طريق الصناعة كما تخدّم الصناعة السياسة, و هو يرفض يبحا كثيرا من الغيش,و يرضي بربح معتدل مع الصدق.
بل  الرجولة تكون في المعنويات كما تكون في المادّيات فالرأي العلم الرجل هو الرأي العام اليقظ الذي يعرف كيف يدفع عنه الظلم, و الذين يقدّر أعمال الرجولة فيحتقر النذالة و يعجب بالمحسن.
من لنا ببرنامج دقيق للرجولة كالبرنامج الذي يوضع للتعليم, يبدأ برعي الطفل في بيته, فيعلمه كيف يحافظ على الكلمة تصدر منه,و يعلمه كيف يكون رجلا في ألعابه فيعدل بين أقرانه في اللعب, كما يحبّ أن يعدلوا معه , و يلاعبهم بروح الرجولة و من حبّ و مساوة و مرح في صدق و إخلاص.
و يسير مع التلميذ في مدرسته فيعلمه كيف يحترم نفسه ,و كيف لا يفعل الخطأ, و لو غاب عنه الرقباء, و لا يغشّ في الإمتحان و لو تركه المعلم وحده مع كتبه, و كيف يعطف على الضعفاء, ويبذل لهم ما استطاع من مساعدة.
و يسير مع الطالب في جامعته فيعوّده الاعتزاز بنفسه, و الاعتزاز بأمته, و يجعله يفكّر في هدف شريف له في الحياة, يسعى لتحقيقه ,حتى إذا ما أتمّ دراسته , كان قاضيا رجلا أو سياسيا رجلا و على الجملة إنسانا رجلا.
الغزالي و التربية الخلقي
تهدف التربية الخلقية عند الامام الغزالي إلى تحقيق بعض الغيات و الاهداف التي تؤدي إلى رفع المستوى الروحي و الخلقي و الفكري و الاجتماعي و السياسي للفرد و المجتمع, و من تلك الأهداف التي حرص الغزالي على تحقيقها.
1)الكمال الإنساني: و ذلك بارتقاء النفس الإنسانية من مجال الحس إلى مجال التفكير, و الارتقاء بالانسان من مستوى الخضوع للأهواء و الشهوات إلى مقام العبوذدية لله, حتى تصل إلى حالة تطل بها إلى عالم الغيب , فتطّلع على الحقيقة, و تصل إلى اقصى مراتب الكمال الإنساني باقترابها من الخالق سبحانه و تعالى.
2) تربية النفس على الفضيلة : فقد ركز الإمام الغزالي على اساسيات الفضائل, و اعتبرها أربعة هي: الحكمة و الشجاعة و العفة و العدل. و يرى أن تحقيق الفضيلة إنما يكون من خلال تصفيه القلب لذكرالله , و العمل على تزكية النفس و تهذيب الأخلاق. و يؤكد الغزالي على أهمية الفضائل و دورها في ضبط قوى النفس الإنسانية, وتنمية الإستعدادات الفطرية الخيرة فيها.
3) تهذيب القوى النفس الإنسانية:  و هو يرى أن ذلك لا يعني قمع نزعاتها و غرائزها و استئصالها تماما,فإن ذلك مخالف  للفطرة الإنسان و طبيعته , لأن الشهوة إنما خلقت لفائدة , و لها وظيفة لا غنى للإنسان عنها, و لا بقاء له من دونها, فشهوة الطعام ضرورية لحياته و نموه, و شهوة الجنس تحفظ النسل و تساهم في بقاء النوع الإنساني, و لكنه يربط هذه الشهوات بالإعتدال و العفة و العقل.
4) حسن توجيه طاقات الأمة: فالغزالي يؤكد علي أهمية حفظ طاقات النفس و توجيهها للإفادة منها على النحو الأمثل, كما دعا إلى ضرورة تحليص الأمة من الشهوات المفسدة للروح الإسلامية, و أكد على الأثر التهذيبي للشريعة الإسلامية في كل من الفرد و المجتمع.
5) تكوين الشحصية المتوازنة: و يركز الغزالي في التربية الخلقية على المكونات الرئيسية للنفس الإنسانية و هي: العقل و الروح و الجسم , و ينظر إليها باعتبارها كيانا واحدا متكاملا, و من ثم جاء تأكيد الغزالي علىى بعض الأساليب و الطرائق التربوية التى تتنول تلك المكونات بشكل متكامل و متوازن, كالمجاهدة و الرياضة لتزكية القلب و الروح , و التفكر لتربية العقل, و ترقيق النفس الإنسانية في مجالات الإدراك, و اللعب لتربية الجسم و تنشيط العقلو الحواس.
6) إرضاء الله : دعا الغزالي إلى توخي  إرضاء الله , و حذر من مطامع الدنيا الفانية , و حث على إحياء الشريعة الإسلامية و التماس رضوان الله, و لذلك فهو يرى أن من أهداف التربية الخلقية إعداد الإنسان في هذه الحياة الفانية للدار الأخرة الباقية , لأن الغاية المثلى للإنسان في هذه الدنيا هي حسن العبودية لله و تمام الطاعة و الخضوع له.



0 comments: